إلى رحمة الله

العالم الصالح والأستاذ النافع الشيخ السيّد شمس الحق الوَيْشَالَوِيّ رحمه اللّه

1334-1428هـ = 1916 – 2007م

 

 

بعدما ظلّ طريح الفراش عبر سنوات انتقل إلى رحمة الله تعالى العالم الصالح والأستاذ النافع الشيخ السيّد شمس الحق الوَيْشَالَوِيّ – رحمه الله – في نحو الساعة الثانية والدقيقة الثلاثين من ظهر يوم الأحد : 13/ من ذي القعدة 1428هـ الموافق 25/ نوفمبر 2007م ، بوطنه "أبابكربور" بمديريَّة "وَيْشَالِي" – مديريّة "مُظَفَّرْبُوْرْ" سابقًا – عن عمر يناهز 91 عامًا. غفر الله له وأعلى مقامَه في جنّته .

       كان الشيخ رحمه الله من العلماء المُؤَهَّلين والأساتذة المُتْقِنِين، وكان له تعمُّقٌ في علوم الشريعة، وبَصَرٌ بالحديث الشريف، عَمِلَ أستاذًا للموادّ الإسلاميَّة نحو 68 عامًا. وكان يعمل أستاذًا وشيخًا للحديث الشريف بالمدرسة الشهيرة بـ"الجامعة الرحمانيَّة" بمدينة "مونجير" بولاية "بيهار" بالهند منذ 1384هـ/1965م حتى قبيل سنوات من وفاته وتلقّى تعليمه العالي بكل من الجامعة الإسلاميّة دارالعلوم/ ديوبند وجامعة تعليم الدين ببلدة "دابهيل" بمديرية "نَوْسَارِي" – مديرية سُوْرَتْ سابقًا – وكان من أساتذته بالجامعتين كبارُ العلماء والمشايخ الذين خَرَّجوا علماء ودعاةً أكفاءً بشبه القارة الهنديَّة. أمثال العلاّمة شبير أحمد العثماني الديوبندي الباكستاني (1305-1369هـ=1887-1949م) والشيخ الفقيه الأديب محمد إعزاز علي الأمروهويّ (1300-1372هـ=1882-1952م) والعلاّمة محمد إبراهيم البلياويّ (1304-1387هـ= 1886-1967م) والشيخ المقرئ محمد طيب (1315-1403هـ = 1897-1983م) رئيس جامعة ديوبند سابقًا.

       وكان رحمه الله وقف حياته على التدريس والإفادة؛ فلم يَمِلْ إلى الكتابة والتأليف؛ فخَرَّجَ جيلاً كبيرًا من تلامذته المؤهلين لخدمة الدين والعلم؛ وإن لم يُخَلِّف تأليفات تُذْكَر. وكان له قدرة على قرض الشعر باللغة الأرديّة، طَبَعَ بعضُ أبنائه مجموعةً شعريَّة لقصائده التي قالها في الحنين إلى الحرمين الشريفين والربوع المُقَدَّسَة باسم "ذكرى الحرم" كما أنّه ألّف شرحًا لعشر مقامات من مقامات الحريري باسم "تسهيل المعاني" وله شرح لصحيح البخاري باسم "جهد الباري في حلّ البخاريّ" وشرح لجامع الترمذي باسم "غنية المبتدي في حلّ الترمذي".

       وإلى جانب عمله بمنصب شيخ الحديث عَمِلَ قاضيًا للشريعة، وعضوًا في الإمارة الشرعيَّة لولايات بيهار، وأريسه، وجهاركهند، التي مَقَرُّها بـ"فلواري شريف" بمدينة "بتنه" عاصمة ولاية "بيهار".

       وكان تلاميذه يحبُّونه لعلمه وفضله، وصلاحه وحلمه، وتلطّفه في التعامل مع كلّ أحد. وسَعِدَ رحمه الله بأداء الحج والعمرة أكثر من مرَّة. وكان يواظب على الأدعية المأثورة والأذكار المرويَّة، وكان من العلماء المُتَعَبِّدِين المنقطعين إلى العبادة والتلاوة والإكثار منهما، والانصراف عن مشاغل الدنيا والاهتمام بوسائل الحياة. وكان قد بَايَعَ في التزكية والإحسان أوّلاً أستاذَه الكبير العلاَّمة شبير أحمد العثماني رحمه الله، ثم تخرج في ذلك على العالم الجليل القائد الديني الذكي الشيخ منة الله الرحماني رحمه الله (1332-1411هـ = 1913-1991م) الذي كان يحبّه كثيرًا ويُقَدِّر علمه وفضله.

       تَزَوَّج رحمه الله ثلاثَ نساء، وُوِلَدَ له منهنّ – إلاّ الزوجةَ الأولى – تسعةُ أولاد؛ ستّةُ بنين وثلاثُ بنات. ألهم الله أخلافَه الصبرَ والسلوانَ، وأدخله فسيح جنّاته.

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذو القعدة – ذوالحجة 1429هـ = نوفمبر–ديسمبر 2008م ، العـدد : 11-12 ، السنـة : 32